2010/09/15

لا شيء

ما العلاقة التي تجمع بين المرض والسفر؟ كلاهما يكون سببا في تغيير وجهة نظرك تجاه الحياة.. كلاهما مرهق.. الأول يمنحك الضعف، والثاني يمنحك الغربة.. برفقة الألم تتمنى وجود يد تلمس جبهتك، وتعطيك قرص الدواء، لسان يهبك كلمات اطمئنان.. برفقة الضعف تتمنى من يبث في روحك القوة، ويبذر بداخلك الأمل، من يفرد أجنحته فوقك فيعطيك الظل والرفقة.. برفقة المرض، تجد نفسك في أرض واسعة ولا شيء آخر..
هل ينفع ما سبق كمبرر كاف لأعلن خوفي؟

2010/08/31

وداعا أغسطس

انه أغسطس.. يرحل بعد أن يربت على جسدي وروحي، بعد أن يمنحني بسمة ولحظة اكتئاب، دائما أتخيله في صورة عجوز بلحية بيضاء، وسبحة لا تفارق يده، عجوز خبر الدنيا وامتلك الحكمة، صورة قريبة من صور العجائز المرسومة في كتب الأطفال التي قرأتها زمان، يجلس تحت الشجرة، يوزع الحكمة بيمينه والتعبيرات اللاذعة بشماله. اته أغسطس.. الشهر الذي ينضج فيه البلح والذرة والجوافة والصبيان والبنات، الشهر الذي نمارس فيه ذكورتنا بقسوة، من يقف حافيا على أرض القيالة الساخنة لأطول فترة ممكنة؟، من يطلع النخلة الممسوحة ويأتي بالبلح؟، من يواجه الكلب الشرس دون أن يرتجف قلبه؟، من يخمن اسم القادم نحونا من البعيد دون أن يخطي؟. انه أغسطس.. أحبه أحيانا، واكرهه أحيانا..

2010/08/15

أغسطس

أحيانا اكتشف أنني أكره شهر أغسطس، وانه شهر طويل، وممل، وحار جدا.. وانه يأتي ومعه كل منغصات الصيف.. وأحيانا اكتشف أنني أحب أغسطس لدرجة طرحي لسؤال يغيظ أصدقائي: لماذا لا تكون كل شهور السنة أغسطس؟.. فهو شهر الإجازة واللعب والمرح والقراءة والبلح والمانجو والدرة، والسهر بالليل وتأمل السماء والنجوم والقمر، وتخيل الحبيبات، ومناجاتهن، وقضاء وقت طويل في محاولات فاشلة لكتابة قصائد حب مهداة إليهن. بقية شهور السنة تتأرجح عندي بين الحب والكره، وبعض الشهور أبدو تجاهها محايدا، فلا أنا أحبها لدرجة انتظار قدومها، ولا أنا اكرهها لدرجة انتظار رحيلها بسعادة وحبور، لكن أغسطس يختلف، هو الوحيد الذي أحبه واكرهه في نفس الوقت.. هو الوحيد الذي يسكن بذكرياته دماغي، هو الوحيد الذي ساهم في تكويني ومنحى لحظات سعادة، وعذاب أيضا..

2010/07/24

متعة الريشة

من أين يأتي؟ يتسرب ـ هكذا ـ بكل هدوء وخفة ويسكن الجسد، ورغم خفته إلا انه ثقيل جدا.. لا أستطيع أن أحرك يدي لامسك بالكتاب، وان فعلت فلا رغبة في القراءة، وان قرأت فلا متعة فيما اقرأ.. ثقيل جسدي.. ثقيلة خطواتي.. بوجوده تنتفي المتع اليومية البسيطة.. الاستمتاع بملمس كوب الشاي الساخن.. مراقبة شعاع الشمس وهو يتحرك على أرضية الغرفة.. مشاكسة قطة الجارة العجوز.. الإنصات إلى أصوات الحياة، من ضجيج بائع الأنابيب، حتى رنين الهواتف المحمولة في أيدي المارة.. من أين يأتي؟ ولماذا يجعلني راغبا في دق مسمارين في قدمي، أرتبط بالأرض كأعمدة الإنارة، وأظل ـ في وقوفي ـ أحلم بمتعة الريشة، بالخفة، بالضحكة الصغيرة، بالمشي في الهواء.. فمن أين تأتى إذن؟

2010/07/15

وحيدا برفقته

لقد مر الموت بجواري.. فعلها بالأمس.. أحسست به وهو يحاذى خطواتي السريعة، ثم يرافقني لعدة خطوات قليلة، قبل أن يتجاوزني ويمضى.. من الوهلة الأولى أدركت انه هو.. لم يراودني شك في ذلك.. همس هاتف بداخلي: "ومن يكون سواه.. انه هو". في أحد الأفلام الأجنبية، ظهر الموت لفتاة تعانى من مرض عضال، كانت الفتاة جالسة على رمال الشاطئ تراقب الموج، وكان الموت شابا رياضيا خرج من المحيط والماء يقطر من جسده، أخبر الفتاة بالا تخاف، وان الموت مثل عبور باب، نترك خلفنا أناسا نعرفهم إلى أناس آخرين سنتعرف عليهم.. هل هو إذن بتلك السهولة؟ مجرد باب.. باب مثل باب البيت الذي نعبره كل يوم عدة مرات، مجرد خطوة واحدة تفصل بين الداخل والخارج.. بين الموت والحياة.. هل نظر إلى بطرف عينيه؟.. لا أعرف.. كل ما أعرفه تلك الرعشة التي مست قلبي.. الشهقة التي دوى صداها بداخلي، ذلك الخوف الذي سكنني قبل أن يختفي.. كنت اعتقد دوما أنني ـ عندما أقابله ـ سأكون أكثر شجاعة، فلماذا خفت إذن؟.. هل لأنه اختار مكان اللقاء بعناية فائقة.. حيث عتمة خفيفة، وصمت يلف المكان، وأنا وحدي في الطريق؟.. أم لأنني ـ طول الوقت ـ كنت أتصنع شجاعة زائفة؟.. لقد فعلها.. مر بجانبي، تاركا خلفه قشعريرة، سكنت القلب إلى الأبد..

2010/07/10

بعد قليل..

عتمة خفيفة تتلاشى على مهل، بينما نسمة ساقعة تلمس جلدي فينكمش. أقول لنفسي: صباح الخير.. وأرد: صباح الفل.. طرقات لم تستيقظ بعد من النوم.. عربات خشبية مغطاة ببطاطين قديمة.. صوت التليفزيون ينبعث من مقهى خال من الرواد.. أفضل القعود بجوار الشباك، استقبل هواء الصباح المنعش، وفى نفس الوقت أتفرج على شرفات البيوت، والملابس المعلقة على حبال الغسيل ترقص بخفة، قبل أن تختفي. أعرف أنه بعد قليل سيتغير المشهد تماما.. سيمتلئ الجو بذرات التراب وأبواق السيارات.. ستطلع شمس حامية لا ترحم.. بعد فليل سيتوجع أناس بينما يضحك آخرون.. بعد قليل سيبدأ يوم يشبه تماما أياما كثيرة مرت من قبل.. كل ذلك سيحدث بعد قليل.. ـــــــــــــــ صباح مبكر في أوائل شهر يوليو

2010/06/01

نجوم

النجوم التي رسمتها بشفاهك على سقف الحجرة.. رفيق جيد يؤنس وحدتي، كما أنها تبتهج بالموسيقى وتفضل الشاي بالنعناع، هل تتمين جميلك وترسمين شمسا وقمرا ؟..

2010/05/21

كيف؟

يا الهي.. كيف قمت بزيارتي رغم ندرة أحلامي؟ حيث لا توجد أرقام للبيوت أو أسماء للشوارع لا أحد سيدلك على عنواني فكيف استطعت إذن العثور على كيف؟!

2010/05/15

أتكلم في صمت

هل جربت يوما متعة الصمت.. أن تصوم عن الكلام لمدة يوم كامل على الأقل.. الخطوات بسيطة،أغلق تليفونك، وقرر عدم الخروج من البيت.. ثم مارس حياتك كالمعتاد.. تصفح الانترنت.. اقرأ كتبك المؤجلة.. فكر في أشياء محببة.. استمع إلى الموسيقى.. من خلال تجربتي الشخصية، الأمر يستحق التجربة.. كثيرا ما الجأ إلى متعة الصمت.. أتلذذ به.. لا يعني ذلك أنني امتنع عن الكلام نهائيا، فبمرور الوقت اكتشفت أنني أتكلم بداخلي.. في دماغي أو في قلبي، لا اعرف من أين تحديدا، كل ما اعرفه أنني أتكلم بداخلي، أقيم حوارات مع نفسي، وأجاوب على أسئلة تدور في ذهني.. أحيانا اغضب من نفسي وازعق فيها ـ هكذا ـ بكل حرية وبلا تأنيب من ضميري.. الغريب اكتشافي أنني اضحك بداخلي، أحيانا تكون مجرد ابتسامات صغيرة، وأحيانا قهقهات صاخبة اشك أنها ستلفت نظر الجيران.. من خلال صمتي، أمارس كل مشاعري وأحاسيسي بحرية، وبلا رقابة أو خوف من احد.. في صمتي.. أمارس حياتي الحقيقية..

2010/05/08

ميراث ثقيل جدا

ثقيل جدا هذا الميراث الذي تحمله البنت بداخلها.. كل تلك الوصايا.. والمحاذير.. الأوامر.. والتعليمات.. حكايات بنات أخريات، لم ينصتوا لكلام الآباء، فانتهت حكاياتهم ـ كالعادة ـ بشكل بشع.. لن يمحى أبدا من الذاكرة.. كل ذلك الخوف الذي يتراكم بمرور الأيام.. الخوف من القطط والكلاب والفئران والصراصير والأولاد.. ميراث قديم يبدأ عندما تشد الأم ـ ذات عصر حار ـ أذن البنت اليمين، قائلة في تهديد: الأولاد خطرون جدا.. وشريرون أيضا.. لهم أنياب وأظافر مثل الكلاب والقطط تماما.. ويشد الأب ـ في صباحات الجمعة ـ أذن البنت الشمال، قائلا في وعيد: الأولاد.. اممم.. إنهم مخلوقات سيئة.. يجب الابتعاد عنهم.. والآن اذكري لي ثلاثة فروق بين الولد والبرص؟ ثقيل جدا هذا الخوف.. الصخرة التي تجثم على الصدور.. دون أن يجرؤ أجد على زحزحتها

2010/05/02

حلم يرقص أمامنا

السينما متعة.. حيث ظلام خافت يعم الصالة.. تاركا الفرصة للموسيقى والأحلام أن تتراقص على الشاشة.. ظلام يخفى وجوه المحبين.. وهو يمنح الأصابع متعة أن تتعانق ببطء.. وترقص ببطء.. وتضغط ببطء أكثر.. السينما طقوس.. مثلا: ترقب الرفقاء أمام باب السينما.. شراء كيس فيشار.. الحرص على أن تكون في مقعدك قبل أن تطفأ الأنوار.. متابعة عروض الأفلام القادمة.. قراءة تتر بداية الفيلم.. السينما حلم.. لن يوقظك منه سوى كلمة "النهاية"، وهى تستريح على الشاشة.. تنظر لك بمكر قبل أن تضغط على زر النور ثم تفتح لك الباب وهى تدفعك برفق إلى الشارع.. حيث الصخب والزحام.. حيث أبواق السيارات.. حيث الواقع الذي تهرب منه إلى الحلم..

2010/04/29

في صحبة التابوت

أحيانا، تطفو دموع وأحزان قديمة.. تقفز ـ هكذا ـ عابرة السنوات والشهور والأيام.. تبدو طازجة وكأنها حدثت منذ لحظات.. تخبرني بمدى قسوتي.. يا ربي.. كنت قاسيا مع أمي.. ومع طيور البيت والنخلات الصغيرة وأغنامي المسكينة.. دمعة ساخنة.. تخط طريقها على وجهي، منزلقة ببطء يلسع الروح.. فأستيقظ لأجد حزنا خفيفا يرافقني بقية اليوم.. ومشاهد ضبابية من أيام بعيدة تثير حيرتي.. وتجعلني راغبا في بكاء حقيقي من عيوني الجافة... يبدو أنني سأظل هكذا طول حياتي اجر حزني ودموعي، احمل قسوتي التي مارستها زمان.. تلك الأحمال التي تزداد ثقلا مع الوقت.. وبصمت يليق بتلك اللحظات، اجر تابوتي في طريق وعر.. لا تبدو له نهاية..

2010/04/26

مثل قطة نائمة

لماذا يبدو الأرق ثقيلا إلى هذا الحد؟ يتبدد النوم ـ فجأة ـ مثل بخار.. على الرغم من كل القرابين المقدمة له.. شوارع خالية تماما.. هدوء يحيط المكان، هدوء يبعث على الخوف.. هسيس أوراق الشجرات الثلاث ـ القريبات من النافذة ـ اثر نسمة عابرة.. بلا جدوى.. حتى القطط تمددت فوق مشاية الجارة العجوز بلا حراك.. الجفون ثقيلة.. لا اقدر على حملها .. وكل ثانية تمر يزداد ثقلها أكثر.. وأكثر.. لم يفلح كوب اللبن أو الكثير من الموسيقى أو حمام دافئ.. لم ينجح تخيل سماء زرقاء.. سماء غارقة في زرقة داكنة.. ولا نهائية.. لم ينجح تخيل وجودي في قارب يتهادى برتابة بواسطة مويجات كسولة.. لا رغبة في القراءة أو الكتابة أو مشاهدة الأفلام .. الرغبة الوحيدة في نوم لا يأت... فقط سويعات من النوم.. لا اطمع في المزيد.. فقط حلم ناعم ، يسحبني إلى ظلام دامس.. ترى ما الذي تفعله القطط حتى تستغرق ـ هكذا ـ في نوم سريع.. وبلا أدنى مجهود يذكر؟

«45 سنة».. حب أم خيانة؟

الماضى لا يموت أبدا، فهو موجود بشكل أو بآخر، ختى وإ ن كنا لا نعى بوجوده، لكنه فى لحظة ما سيطفو على سطح الذاكرة قبل أن يختفى فى سلام، ...