2008/05/30


لماذا أعشق فريدا؟



عندما كنت أتصفح احدى المجلات، توقفت أمام تلك اللوحة التى احتلت مساحة صفحة كاملة.. كان ذلك ذات صيف بعيد، اتذكر انه كان حارا حتى ان خيوطا من العرق كانت تنسال على وجهى بلا توقف، وسكون تام احاطني، لم يقطعه سوى هديل حمامة بنية تتحرك من حولي..
كانت اللوحة لفتاة تجلس على مقعد، وهى ترتدى زيا كلاسيكيا يعود الى بدايات القرن العشرين.. كان فستانا أبيض، يصل حتى القدمين، بينما تضع يديها على فخذيها، اما نظرات عينيها فكانت تحمل تعبيرا اقرب الى اليقين.. الى الرضا بما يحدث.. بينما يعلو العينين حاجيان كثيفان شبه متصلين.. هل هذا هو ما لفت انتباهى الى تلك اللوحة؟ ربما.. لكن ما توقفت امامه عيناى كان قلبها.. نعم.. قلب فى حجم قبضة اليد بلون أحمر، يبدو ظاهرا من تحت الفستان الابيض، يخرج منه وريد حتى اليدين المرتاحتين فوق الفخذين وهو ينقط دما.. هل ارتعبت او خفت من المشهد؟ هل كانت الفتاة فى طريقها الى الموت؟ هل نظرتها الراضية الهادئة لها علاقة بما يحدث لها؟
اللوحة كانت للفنانة المكسيكية فريدا كاهلو، التى كانت ترسم نفسها فى معظم لوحاتها، ببساطة لانها ونتيجة لحادث ماساوي اقعدها فى البيت، كانت تعرف نفسها اكثر من اى شيء اخر فى العالم، هو الشيء الوحيد المتاكدة من مشاعره واحاسيسه، الشيء الوحيد الصادق فى حياتها..
ذات صبف بعيد، وبجوار حمامة بنية عاشقة تغني لحبيبها الغائب، وقعت فى غرام فريدا كاهلو..
ومع مرور الوقت احسست بمدى قربها مني، هل لهذا علاقة باحلامي التى اتخيل فيها نفسى اننى مكان هذه الفتاة، بينما الدم يتسرب ببطء من جسدى.. وخدر خفيف يسرى على مهل حتى رأسى.. خدر غير مؤلم.. كان اليفا وهادئا وهو يدغدغ جلدي، بينما تبدو على وجهي ابتسامة رضا..

2008/05/17

ربما أكون يحيي.. لكنني أخشى الاعتراف بذلك



ربما أكون يحيى.. لكنني أخشى الاعتراف بذلك




في فيلم بحب السيما، يظهر يحيى في ثلاثة كادرات فقط، ولد صغير ضئيل يركب دراجة وهو يجرى بسرعة على الشاشة خارجا من الكادر وبطل الفيلم نعيم ينظر إليه وهو يصيح: يحيى... خدنى لفة.
لكن يحيى المنطلق كسهم، لا يرد على نعيم، أو حتى يلتفت إليه، وربما لم يسمعه أيضا.. انه يحيى المنغمس في غواية الانطلاق نحو البعيد، غير آبه بأي شيء في الدنيا، سوى الهواء الذي يصطدم به.
المتفرج أيضا لن يستطيع أن يرى ملامح يحيى أو حتى يحتفظ في ذاكرته بأي شيء يميزه.. شيء واحد فقط سيتذكره المشاهد وهو الاسم: "يحيى". قائلا: نعم كان هناك ولدا ينطلق مسرعا بدراجة اسمه يحيى .
ربما كان يحيى نقطة مركزية في الفيلم، لسبب بسيط انه كان سببا في موت البطل. فلولاه لم يكن البطل لبفكر فى كسر قناعاته التى ظل يحارب من أجلها ظول الفيلم. وبسبب تلك القناعات وقع فى العديد من المشاكل، لولا يحيي ما فكر البطل فى شراء دراجة من اجل ابنه نعيم. لولا يحيى ما فكر البطل فى ان يحقق امنية نعيم.. امنية صغيرة بحجمه.. مجرد لفة بالدراجة على شاطيء راس البر.. لفة بالدراجة تدخل السرور الى قلب نعيم. لفة بالدراجة تؤدى الى موت البطل... الامر الاكثر وجعا عندما افكر مع نفسي: ماذا لو كنت انا يحيي.. ماذا لو كانت حياتي مجرد مشهد صامت لن يتذكره احد.. ياااه.. اركب دراجة واعدو مسابقا الريح فى خلفية المشهد.. جسد ضئيل لن يعلق فى ذهن احد.. امرق مسرعا دون ان احظى ـ ولو لثانية واحدة ـ بكلوز اب على وجهى.
: لصديقي أحمد شافعي قصيدة يقول فيها

ميلودراما طويلة هذه الحياة
أعطاني المخرج فيها دورا ثانويا
فلا تندهش
حيث يطرق البطل باب العالم
وتجدني ـ أنا ـ افتحه
ثم لا اظهر حتى النهاية.

«45 سنة».. حب أم خيانة؟

الماضى لا يموت أبدا، فهو موجود بشكل أو بآخر، ختى وإ ن كنا لا نعى بوجوده، لكنه فى لحظة ما سيطفو على سطح الذاكرة قبل أن يختفى فى سلام، ...